دعني أقبّل رأساً أنقذت ابني من النار ..

يقولأحد الصالحين :- كنت أمشي في سيارتي بجانب سوق العويس بالرياض .فإذا شابيعاكس فتاة , يقول فترددت هل أنصحه أم لا ؟ ثم عزمت على أن أنصحه , فلمانزلت من السيارة هربت الفتاة ،
وأماالشاب فقد توقع أني من هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر , فسلمت علىالشاب وقلت :- أنا لست من الهيئة ولا من الشرطة وإنما أخٌ أحببت لك الخيرفأحببت أن أنصحك . ثم جلسنا وبدأت أذكره بالله حتى ذرفت عيناه ثم تفرقنا وأخذت تلفونه وأخذ تليفوني

وبعد أسبوعين كنت أفتش في جيبي وجدت رقم الشاب فقلت :- اتصل به وكان وقت الصباح فاتصلت به قلت :- السلام عليكم فلان هل عرفتني
قال:- وكيف لا أعرف الصوت الذي سمعت به كلمات الهداية وأبصرت النور وطريقالحق . فضربنا موعد اللقاء بعد العصر , وقدّر الله أن يأتيني ضيوف ,فتأخرت على صاحبي حوالي الساعة ثم ترددت هل أذهب أم
لا ؟.. فقلت أفي بوعدي ولو متأخراً ,

وعندما طرقت الباب فتح لي والده .. فقلت :- السلام عليكم .. قال :- وعليكم السلام , قلت فلان موجود , فأخذ ينظر إلي , قلت فلان موجود وهو ينظر إليّ باستغراب
قال :- يا ولدي هذا تراب قبره قد دفناه قبل قليل .
قلت :- لقد كلمني صباحاً ؟
قال :- صلى الظهر ثم جلس في المسجد يقرأ القرآن وعاد إلى البيت ونام القيلولة فلما أردنا إيقاظه للغداء
فإذا روحه قد فاضت إلى الله .
يقولالأب :- ولقد كان ابني من الذين يجاهرون بالمعصية لكنه قبل أسبوعين تغيرتحاله وأصبح هو الذي يوقظنا لصلاة الفجر بعد أن كان يرفض القيام للصلاةويجاهرنا بالمعصية في عقر دارنا , ثم منّ الله عليه
بالهداية .
ثم قال الرجل :- متى عرفت ولدي يا بني ؟
قلت :- منذ أسبوعين
فقال :- أنت الذي نصحته ؟ ..
قلت :- نعم
قال :- دعني أقبّل رأساً أنقذت ابني من النار

فن لا يجيده الكثيرون :-
نعم النصيحة فن لكن لا يجيده الكثيرون .. تعتبر أغلى الأشياء في حياة البشر .. جميعنا يحتاجها .
.جميعنا يحتاج أن يقف أمام المرآة ليعدل هندامه وثيابه وحاله .. أوليستالنصيحة مرآتنا التى نرى فيها أنفسنا على حقيقتها ؟! .. وهى واجب شرعي
، لا مناص للمسلم ـكل بحسب استطاعته ـ من القيام به نحو الناس أجمعين ، وبخاصة منهم إخوانهالمسلمين .. ومن حق المسلم على أخيه المسلم :- ( أن ينصحَ له إذا غاب أوشَهِدَ ) رواه مسلم أي يضمر له الخير .. فيعينه ويدله عليه، ويمنع عنهالسوء والشرّ ..

هى رسالة الأنبياء :-
فلقدكان تقديم النصيحة رسالة كل رسل الله عليهم السلام ، فقد سجَّل القرآنالكريم على لسان نوح عليه السلام قوله لقومه :- ( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِرَبِّي وأَنصَحُ لَكُمْ وأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) سورةالأعراف : 62 ..
وعلى لسان هود عليه السلام :- ( أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) سورة الأعراف: 68
وعلى لسان صالح عليه السلام :- ( يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي ونَصَحْتُ لَكُمْ ) سورة الأعراف: 79
وعلى لسان شعيب عليه السلام :- ( لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي ونَصَحْتُ لَكُمْ ) سورة الأعراف: 93
ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى تلك المكانة العليا للنصيحة ؛ حيثعرَّف الدين بأنه النصح للمسلمين ، فقال :- الدِّينُ النَّصِيحَةُ .. قيل:لِمَنْ ؟ قَالَ :- لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِالْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) رواه مسلم
الأسلوب اللائق :-
وهنايقول الأستاذ صلاح عمر شنكل :- النصيحة فن من حيث إنها تُعطى في الوقتالمناسب وبالأسلوب المناسب ، وهي لا تأتي إلا من أخ أو صديق يهمه أمركويخشى عليك الهلاك ، أما من يصرخون في وجوهنا مبرزين أخطاءنا وشامتين فيحالنا مدعين أنهم نصحونا ولم نسمع ، فهؤلاء لا يمكن أن نسميهم ناصحينأبداً ، فالنصيحة هي الحكمة وهي ضالة المسلم ، ومن ينصح بالحق وللحق فهوصادق ومحب ، ومن ينصح ويعمل بالنصح فهذا يؤكد صدق نواياه ..
اختيار الوقت والمكان المناسب :-
فعلى من ينصح أن يختار الوقت المناسب لإسداء النصيحة, فليس مقبولاً أن ننصح إنسانا و هو في شدة غضبه , أو في ظروف لا تسمح لهبالاستجابة , و تجعله يرفض النصيحة و يفعل عكسها .. وكذا اختيار المكانالمناسب فكم قيل النصيحة علي الملأ فضيحة ..
الحكمة والموعظة الحسنة واللين :-
فقدأمرنا الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة والنصح فقال تعالى :-( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) سورةالنحل: 125 ..
وقال :- ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
سورة الأعراف: 199 ..وقال :- ( ولا تستوي الحسنة ولاالسيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )سورة فصلت: 34
ارجوك اجعلها فى السر :-
كأنىأسمع المنصوح وهو يقول :- أرجوك انصحنى فى السر .. لا ترفع صوتك حتى لايسمعك أحد .. فنصيحتك عندما تكون في السر يكون لها تأثيراً كبيراً عليه ..ويقول الإمام الشافعي رحمه الله فى ذلك :-
تعمدني بنصحك في انفرادي ... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه
